كشف المدير التنفيذي لمحلية ريفي شمال الدلتا بولاية كسلا طيفور علي طيفور، ان التنمية بمحليته ظلت متوقفة لأكثر من (20) عاماً، فضلاً عن ارتفاع نسبة الفقر وسط المواطنين، مشيراً الى ان انهيار مشروع القاش ادى الى تشريد مئات المزارعين، وانعكس ذلك على مستوى التعليم والفاقد التربوي، وقال طيفور في هذا الحوار مع (الإنتباهة) انه لا توجد كوادر طبية بما فيها ضباط الصحة، الأمر الذي وضع المحلية في دائرة التردي الصحي وفوضى الذبيح، مبيناً ان نظرتهم كجهات تنفيذية تغيرت تجاه شجرة المسكيت من الازالة الى الاستفادة منها في إنتاج الفحم والحطب مع انتاجية عالية من عسل النحل، مثمناً دور المنظمات في حل ازمة مياه الشرب، فضلاً عن الدعم الذي قدم للمتضررين جراء السيول الاخيرة .
] حول محلية شمال الدلتا؟
ــ محلية شمال الدلتا من اكبر المحليات مساحة بولاية كسلا، ويبلغ عدد سكانها نحو (400) الف نسمة، وبها تركيبة سكانية متجانسة من قبائل متعددة، واهم المناطق هي منطقة وقر وهداليا ومتاتيب واوليك الى جانب عدة قرى صغيرة، ويمارس السكان نشاطي الزراعة والرعي، غير ان الزراعة تدهورت بسبب المشكلات التي يعاني منها مشروع القاش، ومن ضمن ذلك تراكم الطمي بصورة سنوية، وهذا بدوره شكل عبئاً وآثاراً سالبة، حيث اعاق مرور المياه الى داخل الحواشات وقلل من سعة الترع الرئيسة وحول مسار المياه الى غير المناطق الزراعية، وهذا العام تمت زراعة (300) الف فدان من (800) الف فدان.
] على من تقع مسؤولية حل هذه الاشكالية؟
ــ من المفترض ان تكون المعالجة من قبل مشروع القاش الزراعي، حيث توجد رئاسته في اروما بكل ادارته، ولا بد ان تقوم بعمليات تطهير قبل وقت كافٍ من الزراعة، عطفاً على رسوم التحصيل من المزارعين، ولكن ادارة المشروع مجردة من اية امكانات وسلطات، وفي النهاية تقف على المساحات المزروعة والتحصيل من اصحابها في عمليات الري، حيث لا يتجاوز ري الفدان مبلغ (100) جنيه، وهذا بالطبع مبلغ زهيد للغاية في مقابل ما ينتجه الفدان من محصول ذرة وفي المتوسط يصل الى (30) جوالاً، ومن هنا يمكن ان نعرف مدى الانهيار الذي لحق بالمشروع، وكان يتبع للمركز، ولكن في فترة الحكومة السابقة صارت تبعيته للولاية، خاصة بعد انتشار اشجار المسكيت داخل الاراضي وارتفاع نسبة الطمي، وكأنما اراد المركز التخلص منه، ولم تكن أمام الولاية ميزانية لتأهيل المشروع، وحتى المزارع أصبح يعاني من الفقر، وقد دخل في الدائرة الشريرة التي ستؤدي الى انهيار مشروع القاش.
] ما هي تأثيرات تراكم كميات الطمي بصورة سنوية؟
ــ الطمي اثر في الطرق بعد خروج القاش من مجراه بالقرب من هداليا ومتاتيب وشرق وقر، وجرفت المياه عدداً من المواقع على الطريق القومي، والامر يتطلب وقفة من ادارة المشروع، ومن المخاطر التي تحدق بمدينة وقر أنها أصبحت مهددة بفيضان القاش، وذلك لأنها محاطة بمناطق زراعية، وكل عام يتسرب الطمي بارتفاع عشرة سنتمرات، وبالتالي اصبحت المدينة اكثر انخفاضاً من المناطق التي حولها، وبالتالي فإنه من الصعوبة تصريف مياه الامطار الى خارج المدينة، وبما شهدته المدينة من امطار غزيرة في الفترة الاخيرة فقد اصطدمت المياه بالجسر الواقي من فيضان القاش، الامر الذي تسبب في انهيار اكثر من (200) منزل، ولا بد من عمل مصرف لوقاية المدينة من مهددات القاش.
] أين المبالغ التي دفعت لتأهيل مشروع القاش؟
ــ الصندوق ليس من اهدافه العمل ضمن مشروع القاش، وقبل نحو عشرين عاماً قدمت منظمة (إيفاد) دعماً قدره (25) مليون دولار لإزالة المسكيت، ولكن تم استخدام المبلغ بطريقة خاطئة ولم تتم ازالة المسكيت، خاصة ان المهندسين استلموا الاراضي من المقاولين ولم يتقنوا العمل بالصورة المطلوبة، وكأن الازالة لم تتم وعادت اشجار المسكيت اكثر كثافة.
] ما هي جهودكم لحل ازمة المياه؟
ــ المحلية فقيرة ولا توجد بها موارد، وكان لا بد من خطة لمعالجة مشكلة المياه، وانا على علم تام بأزمة المياه بهذه المدينة، ولا توجد بها آبار جوفية، فقط توجد احواض سطحية تمتلئ بالمياه انشئت منذ حكم الانجليز، حيث تم انشاء احواض لتغذية الآبار، وتواصلت مع ادارة مشروع القاش لتوفير آليات لحفر الترع الرئيسة، ولكن ادارة المشروع اعتذرت بسبب تعطل الآليات، ومنذ منتصف مايو الماضي عملنا على توفير المياه بالتناكر من مدينة كسلا، وبلغ سعر البرميل اكثر من (600) جنيه، وكان لا بد ان نحل مشكلة المياه، وعليه تواصلت ومعي ناظر الهدندوة بمنظمة (مداد الاكرمين)، ومن هنا لا بد ان نبعث لهم بالشكر، وكانوا قد طلبوا مني استلام مبلغ (200) الف جنيه تم دفعها لايجار حفار ليعمل مدة (300) ساعة، وما تبقى من المبلغ تم تقسيطه مع توفير الوقود، وانجزنا المهمة بحفر (22) كيلومتراً في مقابل حفر (9) كيلومترات، والحمد لله الآن لدينا نحو (40) بئراً مليئة بالمياه، ولذلك يمكن القول ان الوضع مطمئن. وعليه اناشد جميع المواطنين المشاركة في دعم حل مشكلة المياه .
] ألا يشكل انتشار المسكيت هاجساً لكم في المحلية باحتلاله مساحات واسعة من الاراضي؟
ــ في ظل انهيار مشروع القاش وخروج مساحات كبيرة فقد بسببها المواطنون الزراعة والثروة الحيوانية، فقد اصبحنا امام خيار المحافظة على اشجار المسكيت بدلاً من ازالتها، كونها اصبحت مورداً مهماً من موارد المحلية في انتاج الفحم والحطب، اضافة الى الانتاجية العالية من عسل النحل داخل غابات المسكيت، فبالتالي تغيرت نظرتنا تجاه ازالة هذه الشجرة، ما لم يتم تغيير الواقع المائل في المشروع وتأهيله .
] كيف تسير العملية التعليمية؟
ــ هناك عدم اقبال على التعليم في المناطق الريفية، وبالمحلية (32) مدرسة منها (8) مدارس بنين ومثلها للبنات في مقابل (16) مدرسة مختلطة، وفي حساباتنا اننا افضل محلية في الولاية في هذا المجال، فادارة التعليم تقوم بمهامها في ظل اهتمام المحلية، ورغم ذلك نسبة النجاح ضعيفة للغاية.
] هل يوجد تسرب من الدراسة؟
ــ نعم هناك ظاهرة تسرب مقلقة بالنسبة لنا، ويتضح ذلك في تناقص اعداد التلاميذ مع تقدمهم في الصفوف النهائية للاساس ودخول المرحلة الثانوية، ولهذه الظاهرة اسباب اجتماعية واقتصادية، واشير الى ان انهيار مشروع القاش ساهم بصورة واضحة في تسرب التلاميذ، حيث اضطرت الاسر الى الاستعانة بابنائها في الرعي وجلب المياه وغيرها.
] كيف تبدو الاوضاع الصحية؟
ــ لا توجد لدينا اية مشكلات صحية، ولكن يمكن القول ان ادارة الصحة اضعف الحلقات في المحلية، حيث لا توجد كوادر صحية للعمل بالمحلية، ومن المفترض ان يوجد (4) ضباط صحة للعمل في اطار الصحة الوقائية منعاً للصحة العلاجية، ولا يوجد ضابط صحة واحد لديه خبرة، وسعينا الى ذلك ولكن فشلنا لأن الوضع هنا بالنسبة لهم صعب، ولهذا لجأنا لتعيين خريجين للعمل في هذا المجال، ولكن حال قرار رئيس الوزراء دون ذلك، مما جعلني اقوم بهذه المهمة عندما اجد فرصة لذلك، وغيرها من المهام الاخرى التي تلقى على عاتقي. وخلال العشرين عاماً الماضية لم تشهد هذه المحلية اية خطوة للامام، وحتى العربات والمواتر التابعة للمحلية كلها منهارة، ولك أن تتصور ان الوحدة الادارية الوحيدة في السودان التي لا توجد بها خزانة كمبنى وخزانة لحفظ الاموال والمستندات هي محلية وقر، مما اضطرنا لشراء خزانة وتأهيل مكتب لها.
المصدر : الانتباهة