متاريس وحرق للاطارات تلك هي آليات الاحتجاج لدى شباب الكلاكلات، عقب مقتل الشاب بهاء الدين في ظروف غامضة بعد ان تم اقتياده بواسطة رجال يرتدون الزي المدني، وظلت الاسرة تبحث عنه لمدة خمسة ايام قبل أن تجده في مشرحة مستشفى ام درمان قتيلاً، وعلى إثر ذلك سارعت اسرته بلقاء النائب العام الذي وعد بالتحقيق في الحدث، لكن سرعان ما أماط الناطق الرسمي للحكومة فيصل محمد صالح اللثام عن جزء مهم من لغز الاختفاء، حين اشار الى أن الشهيد حدثت وفاته أثناء (التحقيق) معه بأحد مراكز الدعم السريع، وبعد يوم من تصريحه اصدرت قوات الدعم تعميماً ترحمت فيه على روح الشاب بهاء الدين نوري، وكشفت بحسب الناطق الرسمي باسمها العميد جمال جمعة، عن إحالة كل من رئيس دائرة الاستخبارات بقوات الدعم السريع والضباط المعنيين إلى التحقيق والتحفظ على جميع الأفراد الذين شاركوا في القبض، إلى حين الانتهاء من إجراءات التحقيق في القضية وفقاً للقانون والعدالة.
وقد اثار حادث مقتل الشهيد ردود افعال واسعة من العديد من القطاعات السياسية والقانونية، وصرح د. نبيل اديب القانوني ورئيس لجنة فض الاعتصام حول حادثة مقتل عضو لجان مقاومة الكلاكلة الشاب بهاء الدين نوري واعتبرها تقع في موضع الاغتيال السياسي، مؤكداً أن مثل هذه الجرائم تشكل خطراً على المجتمع وتعد انتهاكاً للحريات السياسية .
و(تابع) قائلاً: (نحن كقانونيين طالبنا بإصلاح القوانين بحيث تكون في خدمة المواطن وتحفظ له حقوقه سواء كانت سياسية او مدنية).
كما اصدر تجمع المهنيين بياناً ساخناً ادان فيه حادث الاغتيال، وطالب بنزع حصانة من شاركوا في اعتقال وتعذيب الشهيد بهاء وتسليمهم فوراً للنيابة والتحقيق.
كما طالبوا بإغلاق مقار الاعتقال التابعة للدعم السريع والإفراج عن أي معتقل فيها أو تحويلهم للشرطة، ويسري ذلك على أية مراكز اعتقال للمدنيين تتبع لأية جهة سوى الشرطة. ووضع الضوابط لإنهاء ومنع أي قبض أو اعتقالات إلا بواسطة الشرطة واستيفاء الإجراءات.
كما أصدر حزب الأمة بياناً صحفياً طالب فيه الجهات العدلية بالتحقيق في الحادثة وتبيان الحقائق للرأي العام وتقديم الجناة للعدالة، إذا ما تبين ارتكاب اية جنحة في حق الشهيد بناءً على تقرير الطبيب الشرعي، وطالب في بيانه بإيقاف أي اعتقال غير قانوني يعرض حياة أي مواطن لاية انتهاكات كانت تنتقص من الحرية والعدالة التي خرج من اجلها الشعب .
بينما ادانت هيئة محامي دارفور حادث مقتل الشهيد وتضامنت مع اسرتة الشهيد، وابدت استعدادها للانضمام للهيئة القانونية التي تتولى الاتهام عن اولياء الدم، وطالبت بتسليم الجناة للمحاكمة .
كما تناولت وقائع الحدث وبعض حيثياته وسائط اعلامية دولية، فقد أشارت إذاعة مونت كارلو الفرنسية الناطقة بالعربية الى بعض التفاصيل وقال موقعها إنه قد أفادها مصدر مطلع بالشرطة وفق التحريات الاولية بأن بهاء الدين تم استدراجه بواسطة مجموعة تقود عربة بدون لوحات بسيناريو اصلاح أجهزة تكييف لإحدى الشركات، لكنه وجد نفسه معتقلاً لدى الدعم السريع ببحري، بتهمة الانتماء لمجموعة ارهابية تتاجر في المفرقعات.
وأضاف قائلة: (يوم الأحد 20 ديسمبر دون النقيب مصطفى علي محمد الحسن الذي يتبع لقوات الدعم السريع بلاغاً بقسم شرطة الصافية تحت الرقم (494) المادة (51) إجراءات).
وافاد الشاكي بحسب (مونتي كارلو) بأن بهاء الدين نوري البالغ من العمر (45) عاماً، توفي الى رحمة مولاه في ظروف غامضة بالوحدة الطبية بإدارة الدعم السريع بشمبات (سلاح المظلات سابقاً).
واكد ان المرحوم اثناء التحقيق معه شعر بضيق في التنفس وحمى وتم نقله الى الدائرة الطبية، واشار الكشف الطبي الى ارتفاع في كريات الدم البيضاء، ووضع تحت العناية، الا انه فارق الحياة في الساعة السابعة والنصف من صباح السبت (19) ديسمبر.
وباشرت الشرطة اجراءات التحقيق في البلاغ، وتمت زيارة موقع الحادث ومعاينة الجثمان بواسطة فريق مسرح الحادث، كما تم استخراج امر تشريح لمعرفة سبب الوفاة، وتسليم الجثمان الى مشرحة ام درمان للقيام بإجراءات التشريح وتحديد سبب الوفاة.
جدلية الصلاحيات
تجدر الإشارة الى ان قوات الدعم السريع تم إنشاؤها بموجب قانون قوات الدعم السريع الذي أجازه المجلس الوطني في جلسته رقم (43) من دورة الانعقاد الرابعة (18) يناير 2017م.
وبرى العديد من القانونيين والسياسيين إن الحدث يثير التساؤل حول جدلية الصلاحيات التي تتمع بها قوات دعم السريع في ما يختص بسلطة اعتقال المدنيين واستجوابهم، باعتبار أن ذلك من سلطات النيابة وحدها، سيما أن الوثيقة الانتقالية نزعت سلطات الاعتقال حتى من جهاز الأمن والمخابرات، ونصت على أن تكون صلاحياته فقط جمع المعلومات وتحليلها.
والمعروف أن قوات الدعم السريع في عهد البشير البائد كانت تقوم بمهام اسنادية للقوات المسلحة في مهام قتالية ضد الحركات المسلحة آنذاك، كما كلفت بمحاربة الهجرة غير الشرعية من بعض دول الجوار التي تتخذ طابعاً مسلحاً والمساهمة في حماية الحدود، وفي عهد ثورة ديسمبر الحالي بعد فض الاعتصام وقبل تكوين الحكومة المدنية شاركت في فض بعض التظاهرات، كما اسندت لقوات الدعم السريع العديد من المهام الاضافية مثل القيام بعمليات نزع السلاح وضبط العربات غير المقننة وتطبيق القانون ضد المخالفين ومنع تهريب السلاح للبلاد، كما شاركت أخيراً في مساندة الشرطة في تحقيق بسط الأمن عقب الاضطرابات التي شهدتها مدينة بورتسوان، كما قامت بعمليات ضبط السلع والمواد التموينية والمشتقات البترولية المهربة الى دول الجوار، بالاضافة إلى حراسة بعض المنشآت المهمة كمحطات الوقود وغيرها من المهام .
أخيراً:
المعروف ان قوات الدعم السريع سبق أن وافقت على نزع الحصانة من احد منسوبيها، وتم تحويله للمحاكمة بتهمة دهس احد الشباب بعربة أبان مواكب انتفاضة ديسمبر.
ومن هنا يأتي التساؤل هل ستقوم قوات الدعم السريع بنزع الحصانة من المتهمين بتعذيب وقتل الشهيد بهاء الدين وتسليمهم للمحكمة بعد محكامتهم عسكرياً وفق قانونها؟
هذا ما ستجيب عنه الأيام القادمة .
المصدر : الانتباهة