تحقيقات وتقارير

هل تلغي الحكومة اجتهادات عمر القراي في المناهج؟

يبدو أن مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي د. عمر القراي قد علم بما يدور في الكواليس من قرارات قد تصدر بإلغاء التعديلات التي اجراها في المناهج الدراسية لمرحلة الأساس،

بعد الحملات الإعلامية المكثفة وعدد من المنصات التي انطلقت منها موجة ساخطة وناقدة للنهج الذي اختطه مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي في احداث تغييرات يعتبرها البعض تمثل قفزة راديكالية وتتكئ على البعد الفكري والمذهبي الذي يتبناه أكثر من كونها تتعلق بالمفاهيم المتعارف عليها في إجراء التعديلات في المناهج الدراسية من حيث خضوعها لآراء خبراء التربية والاستناد الى المرجعيات المتفق عليها، وقد شارك في حملة الرفض العديد من الرموز الدينية والتربوية، لكن بالمقابل فإن المؤيدين يرون أن التعديلات التي أجراها مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي تواكب نهج الثورة في تغيير مفاهيم وأفكار النظام السابق التي تعيق العملية التربوية الحديثة .
كما استنكرت لجنة معلمي السودان المنضوية تحت لواء تجمع المهنيين السودانيين الحملة ضد القراي وقالت إن من يقفون وراءها من أنصار النظام القديم ولهم مصالح شخصية تتمثل في تسويق ملايين الكتب المدرسية بالمنهج القديم .
تجدر الإشارة الى أن د. القراي تخرج في جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد والاجتماع، كما حصل على درجة الدكتوراة من جامعة أوهايو في التربية ــ تخصص علم المناهج.
وتقول المصادر إن نشاطه برز منذ أن كان طالباً بكلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية جامعة الخرطوم التي تخرج فيها في عام 1977م في أركان النقاش التي أسستها جماعة الحزب الجمهوري في نهاية ستينيات القرن الماضي. وقام نظام الرئيس السابق (جعفر نميري) بإصدار حكم الإعدام على زعيم الحزب والجماعة بعد استتابته باعتبار أن العديد من علماء العالم الاسلامي افتوا بردته.
وكان تعيينه مديراً للمركز القومي للمناهج والبحث التربوي قد لاقى موجة عاصفة من النقد قادتها عناصر من أنصار الاسلام السياسي وسلفيون وبعض النخب المستقلة التي ترى ضرورة توفر الاستقلالية الإيديولوجية في مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي حتى لا تؤثر في مهنيته، كما أن د. القراي يعتنق مذهب فكرياً ليس محل اجماع من المذاهب والتيارات الدينية، مما يشكل عدم قبول وربما سخطاً حتى من أولياء الأمور .
تصريحات مثيرة للجدل
ونقلت العديد من وسائط التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مثير للجدل تحدث فيه د. عمر القراي حول نقل صلاة الجمعة على الإذاعة والتلفزيون، حيث انتقد عدم نقل صلاة الكنيسة وصلوات الكجور لنزول المطر بالإذاعة والتلفزيون، أسوة بنقل صلاة الجمعة، مرجعاً ذلك الى انه يمثل تهميشاً للثقافات الأخرى، غير أن عدداً من المعارضين يرون أن التلفزيون ليس في مقدوره أن ينقل كل صلوات الأديان في السودان، ولهذا يكتفي بنقل صلاة الجمعة التي تمثل ديانة أغلبية سكانية وكثافة في المشاهدة والمتابعة، كما أن العديد من الموروثات القبلية قد تلبس ثوب الدين ومن الصعب تحديد مرجعية لها، فضلاً عن أن بعضاً من مراسمها قد يثير حفيظة الكثيرين، مما قد يشعل نار الاختلاف ويهدد السلام الاجتماعي ويشعل مكامن التطرف الديني في المجتمع .
أنصار السنة في المواجهة
وكانت جماعة أنصار السنة المحمدية قد اصدرت بياناً في وقت سابق انتقدت فيه التعديلات التي اجريت على المناهج الدراسية، وطالبت باقالة مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي د. عمر القراي، كما. ادانت الجماعة التصريحات التي صدرت عن مدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي في مؤتمراته الصحفية، وقالت إنه وصم بعض آيات القرآن الكريم بأنها تسبب الرعب في قلوب الأطفال، مدعياً عدم حاجة التلاميذ إلى حفظ كتاب الله تعالى، مبدلاً حفظه بإسماعهم إياه إلى جوار ترانيم الأديان الأخرى والموسيقى، ولكأنما اختار حذف القرآن دون سواه طريقاً لما زعمه من تطوير للمناهج، مسارعاً بما يدعو إلى الريبة إلى تمريرها وطباعتها بموازنات ضخمة وإخراجها إلى العلن في ظل ظرفٍ استثنائي تمرُّ به البلاد بسبب جائحة
(كورونا).
كما كررت الجماعة هجومها على تعديلات المنهج الدراسي عبر ندوة اقامتها لهذا الغرض شارك فيها المدير الأسبق المناهج عبد الرحيم أحمد سالم .
هل تقبل الحكومة الاستقالة؟
بالرغم من ان الحكومة لم تعارض التعديلات التي اجراها د. القراي في مناهج تعليم مرحلة الأساس على الأقل علناً، لكن ربما كان هناك انقسام في الرأي حولها والمخاوف المتوقعة في حالة صدور تعديلات أخرى أكثر راديكالية، الأمر الذي قد يثير العديد من التيارات الدينية ربما ليس فقط السلفيين بل حتى المتصوفة رغم المرونة المعهودة لديهم في الخلافات المذهبية، وعليه ليس من المتوقع حالياً ان تصدر الحكومة قراراً بإلغاء تعديلات المناهج التي اجريت أخيراً باعتبار ان التشكيل الوزاري الجديد على الأبواب، وحين يأتي وزير جديد للتربية والتعليم ربما سيشكل لجنة علمية ذات خبرة في مجال المناهج حول تلك التعديلات ورفع التوصيات حولها، ومن المتوقع ان تتحفظ عليها اللجنة وعندئذٍ من المرجح إلغاؤها، وهو أمر قد يدفع د. القراي إلى الاستقالة التي سيتم قبولها، أو اصدار قرار بإقالته قبل إجراء تلك التعديلات من قبل الوافد الجديد على الوزارة .

المصدر : الانتباهة

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى