قانون الحصانة السيادية.. تفاصيل إنجاز المهمة
وافق مجلس الشيوخ على تشريع يعيد الحصانة السيادية للسودان كجزء من مشروع شطبه من قائمة الدول الراعية للإرهاب واستثنت الحصانة الأميركية للسودان القضايا المتعلقة بهجمات 11 سبتمبر. ويتضمن القانون الذي أقره الكونغرس تقديم مساعدات بنحو مليار دولار لدعم الانتقال في السودان وتوصل المشرعون إلى اتفاق للحفاظ على السبل القانونية لضحايا هجمات 11 سبتمبر الإرهابية.
ديباجة تعريفية
قانون الحصانة السيادية هو قانون يمثل أحد المبادئ القانونية المهمة التي تحمي الكثير من الدول من أي أنواع الملاحقات الجنائية والملاحقات الدولية، وتشير تلك الحصانة الى أن تلك الدولة لا تقوم باقتراف أي أخطاء تؤدي في النهاية إلى حدوث تلك المشكلات، وهو أحد المبادئ المهمة بداخل القانون الدولي، أي أن بموجبه تصبح الدولة لها سيادة مستقلة لا تخضع لطائلة المحاكم الأجنبية.
وخضع السودان لطائلة المحاكم الاجنبية منذ العام 1993م عقب وضعه في لائحة الارهاب الإمريكية، بسبب عدد من القضايا المرفوعة ضده مثل قضية المدمرة كول وتفجيرات سفارتي أمريكا بكينيا وتنزانيا.
العودة للطريقة
بذلت الحكومة السودانية جهوداً كبيرة من اجل إجازة قانون الحصانة السيادية عبر مجموعات تعمل على ملفات الارهاب، ونجحت الحكومة السودانية عبر فرق فنية ودبلوماسية في عبور مطبات الارهاب وقانون الحصانة السيادية، الذي اجازه الكونغرس أمس الثلاثاء، حيث ارسلت الحكومة فريقاً للتفاوض منذ نهاية العام 2019م بغية انجاز الملفات المهمة مثل قائمة الارهاب وقانون الحصانة. ويرى مراقبون أن السودان حصد نتائج ايجابية من عمله الجاد تجاه الملفات الدولية المعقدة.
فريق مفاوض
فريق التفاوض الحكومي الذي أنجز ملف قانون الحصانة السيادية وازالة السودان من لائحة الارهاب لم يكون ظاهراً اعلامياً وظل يعمل خلف الكواليس، وعلمت (السوداني) أن الحكومة السودانية كونت فريقاً منذ اكثر من عام وبعثت به إلى واشنطون لخوض مارثون إجازة قانون الحصانة السيادية ولائحة الارهاب ويقود الفريق الفني المفاوض كل من السفير محمد عبد الله علي التوم والعميد علي عبد العظيم محمد حسين والمستشار القانوني بوزارة العدل عمر حسن هاشم.
وزارة العدل والقانون
وزارة العدل رحبت بالقرار الامريكي وقالت في تعميم صحفي أمس إن القانون سيحمي السودان من اي ملاحقات قضائية دولية ويشطب كل القضايا المرفوعة ضده من ضمنها خمس قضايا رفعت هذا العام تتهم الحكومة السودانية السابقة بدعم حركة حماس الفلسطينية في اعمال ارهابية تضرر منها مواطنون أمريكيون مقيمون في اسرائيل، فضلاً عن شطب دعوى رفعها بحارة أمريكيون على متن المدمرة كول. واشارت الوزارة إلى أن السودان سيكون دولة مكتملة الحصانة السيادية امام اية محاولات مستقلبية للتقاضي ضدها استناداً على وضعه السابق كدولة مدرجة على لائحة الارهاب، وحول استثناء احداث 11 سبتمبر قالت وزارة العدل إن اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ اعترضا على تحويل قضايا احدث سبتمبر إلى قانون العدالة ضد رعاة الارهاب (جاستا) وقالت الوزارة إن محامي اسر ضحايا سبتمبر هم من حرضوا نواب مجلس الشيوخ على الاستثناء ورفض التقاضي عبر قانون (جاستا)، واقتصادياً ذكرت وزارة العدل في بيانها الصحفي انه تم اعتماد مبلغ 931 مليون دولار كمساعدات اقتصادية و700 مليون دولار كمساهمة في تمويل برنامج الحكومة الخاصة بمساعدة الاسر عبر الدعم المباشر و120 مليون دولار لدعم السودان في صندوق النقد الدولي واعادة هيكلة ديونه بدفع 111 مليون دولار، و150 دولار كتعويضات للافارقة الذين تضرروا من تفجيرات كينيا وتنزانيا.
زاوية قانونية
يقول وكيل وزارة العدل الاسبق عبد الدائم زمراوي إن الحصانة السيادية ستجعل السودان بمنأى عن اي ملاحقات قضائية دولية باستثناء قضية تفجيرات 11 سبتمبر التي تم استثناؤها بواسطة القانون، وقال زمراوي لـ(السوداني) إن السودان تضرر كثيراً من غياب قانون الحصانة وملاحقته بقضايا مثل قضية المدمرة كول وتفجير سفارتي كينيا وتنزانيا، واضاف “بعد وضع السودان تحت لائحة الارهاب كان يمكن عدم مقاضاته دولياً لأن احكام القانون الدولي لا تربط بين الملفين “، مشيراً إلى أن أمريكا خالفت القانون الدولي وانجزت قانونا لمقاضاة السودان داخل الولايات المتحدة الامريكية وتقديم دعاوى ضده بواسطة المتضررين من قضايا الارهاب. وأضاف زمراوي أنه تم استثناء أحداث سبتمبر من قانون الحصانة ولكن لا يمكن مقاضاة السودان بعد اليوم في اي قضايا اخرى دولياً، حول كيفية تجاوز السودان لمطب قضية ضحايا 11 سبتمبر قال هنالك عدة خيارات ابرزها صدور تشريع جديد من مجلس الشيوخ يعيد للسودان حصانته كاملة او خيار الدفاع الكامل عن القضايا من كافة النواحي القانونية. وحول امكانية الوصول لتسوية فيما يخص احداث سبتمبر قال زمراوي لا يمكن التسوية خاصة أن عدد الضحايا تجاوز الثلاثة آلاف غير المصابين، واضاف أن هنالك خياراً ولكنه ستكون كلفته السياسية عالية هو خيار مقاضاة امريكية امام محكمة العدل الدولية بفينا بتهمة الاخلال بالقانون الدولي عبر استثناء قضايا احداث سبتمبر وقال هذا خيار مطروح يمكن بموجبه مقاضاة امريكا ولكنه خيار مكلف جداً.
الاستثناء من منظور دبلوماسي
لابد من الاشارة الى أن الحصانة السيادية لم تعد للسودان كاملة وعادت منقوصة بسبب استنثاء ضحايا 11 سبتمبر من القانون، بيد أن مختصين قللوا من خطورة الاستثناء تقول وزيرة الخارجية السابقة اسماء محمد عبد الله إن استثناء أحداث سبتمبر من قانون الحصانة السيادية ليس أمراً مقلقاً ولكنه سيظل خميرة عكننة حتى يظل ملف التعويضات مفتوحاً وقالت لـ(السوداني) إن الاستثناء تم بسبب اعتراضات نواب بمجلس الشيوخ احدهم ممثل الاقليات بأمريكا مضيفة أن الاستثناء لن يؤثر على كل الاجراءات المتعقلة بإعفاء الديون وهيكلتها او على اي دعم خارجي آخر وكشفت عن مبادرة فرنسية لعقد مؤتمر اقتصادي لدعم السودان فى غضون الاشهر القادمة وقالت إن المؤتمر القادم سيحث اعضاء نادي باريس على اعفاء ديونهم على السودان وقالت اسماء عبد الله انهم ارسلوا وفداً مفاوضاً إلى امريكا في ديسمبر من العام 2019م للتفاوض حول ازالة السودان من لائحة الارهاب والحصانة السيادية وقالت قام السودان بدفع تعويضات لبعض الضحايا مستوفياً الشروط الامريكية وبعد ازالته من قائمة الارهاب واعادة حصانته لا يمكن لاية جهة ملاحقته قضائياً.
فوائد اقتصادية
إعادة قانون الحصانة السيادية له تأثيره من عدة جوانب بخلاف الجانبين القانوني والدبلوماسي ثمة جانب اقتصادي ربما تظهر مزاياه في غضون الايام القادمة خاصة حال اعفاء ديون السودان الخارجية او اعادة هيكلته بعد اجازة قانون الحصانة السيادية. ويقول الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك إن ابرز الفوائد ستكون عبر كسب الاستثمارات الاجنبية وان البنوك الامريكية ستقدم ضمانات للبنوك الخارجية او الاستثمارات الخارجية التى ترغب في الاستثمار في السودان وقال لـ(السوداني) إن المستثمر يرغب في الضمانات وان قانون الحصانة يوفر الضمانات للمستثمرين. وقال إن الشروط اكتملت لتعامل السودان مع المؤسسات والبنوك الدولية والسودان امامه فرصة للاستفادة من مزايا المؤسسات الاقتصادية الدولية المشهورة وشدد على أن المؤسسات الدولية لن تتردد في الاستثمار بالسودان بعد رفع اسمه من لائحة الارهاب واجازة قانون الحصانة السيادية.
المصدر : السوداني