أخبار السودان

عضو نقابة أطباء السودان الشرعية د. والي الدين النور: لا يوجد مستشفى خاص لم يقف مع الثورة ومصابيها

كثيرة هي المواقف واللحظات المحفورة في ذاكرة السودانيين نتاج ثورة ديسمبر المجيدة، التي كان فيها لقبيلة الأطباء دور ملحوظ وحضور في الصفوف الأمامية للمواكب والتظاهرات التي كثيرًا ما شهدت سقوط شهداء ومصابين وجرحى تصدى لها ملائكة الرحمة في عز تضييق القبضة الأمنية، واستطاعوا التغلب عليها واختراق حواجز العسس وصولا إلى عمق المواكب بتجهيزات تخفف من سياط جلاد لم يرحم..

(السوداني) قلبت ذكرى الثورة مع عضو المكتب التنفيذي لنقابة أطباء السودان الشرعية د. والي الدين النور ..

إبان المواكب.. كيف كان يدار العمل داخل اللجان ومستوى التنسيق وحجم الترتيب؟
مواكب ثورة ديسمبر وإداراتها كانت عملية معقدة جدا واحتاجت لترتيب وتنسيق كبير على كافة المستويات بداية من المكاتب التنفيذية او الاعضاء في المستشفيات او حتى داخل الأحياء حيث كان هناك أربعة مستويات للتنسيق والتنسيق الاعلى كان في خارج السودان وهو تنسيق كان كبيرًا للحد البعيد لدرجة أن السيطرة كانت للمتواجدين في الخارج لأن الصورة واضحة بالنسبة إليهم، فضلا عن أن الصعوبات التي واجهت اثناء الثورة في الاتصالات والانترنت جعلت من دور عضوية الخارج كبيرا .

من اين كانت اللجنة تتحصل على متطلبات عملها لمباشرة إصابات التظاهرات ؟
المتطلبات كانت على شكل تبرعات، كان الجميع يتبرع.. الكوادر البشرية لم تكن فيها أية مشكلة فقطاع الاطباء جميعهم كانوا مع الثورة، ونحن لا نزايد على الآخرين، فالاطباء بالخارج وداخل البلاد بعضهم داخل المواكب والبعض الآخر بالأحياء والمراكز الصحية والبعض الآخر في المكاتب للتوجيه .. تجهيز المتطلبات كان يتم مبكرًا سيارات إسعاف وسيارات أخرى ملاكي واحيانا نستقل الاسعاف المركزي لسيطرة الاطباء الثوريين الثوريين عليه، ولم نواجه اي مشكلة في الاحتياج المادي السودانيون في الخارج والداخل لم يقصروا بتاتًا “و في حاجات كتيرة الناس ما عرفوها وعشان كدا لا بد من كل الناس توثق الجانب الذي يليها)..

كيف كان التعامل مع الإصابات في المواكب؟
التعامل مع الإصابات أثناء المواكب كان يتم كما الحال مع حالات الطوارئ حيث كان هناك تقييم ميداني للاصابة، والرصاص كله كان يحول إلى المستشفيات عبر بلاغ من الميدان يعقبه معرفة المستشفى المجهز لاستقبال ويتم التحويل .

اذاً هناك تنسيق مع مستشفيات ؟
نعم، وهنا لا بد من التذكير بدور المستشفيات الخاصة في استيعاب الإصابات الواردة من المواكب، لا أريد أن اذكر أسما، لكن لا يوجد مستشفى خاص لم يقف مع الثورة ومصابيها.. فإذا كان الموكب في أمدرمان ستجد مستشفيات ” تقى والأربعين والنيل الازرق والملازمين كلها مجهزة على سبيل المثال.”.

وفي الخرطوم كذلك الكل كان جاهز “والناس شافت بعيونا، حيث كانت هناك حالات تعالج في وقتها وبعض الحالات المتوسطة كنا نحولها إلى مراكز داخل الاحياء ومنازل أهالي، وتوجد أسر كثيرة فتحت بيوتها لاستقبال الحالات، وهنا لا بد من الإشارة إلى وجود تنسيق عال مع لجان الأحياء الذين كان من بينهم أطباء .

هذا يعني أن المستشفيات الحكومية لم يكن لها دور ؟
لا.. دور المستشفيات الحكومية كان واضحاً ملموساً بأقسام الطوارئ، حيث كانت مجهزة إلى أقصى درجة والمكتب الموحد للأطباء لم يواجه أي عراقيل داخل المشافي الحكومية .

فرق الإسعافات كيف كانت تصل إلى داخل المواكب؟
في معظم الأحيان الإسعافات الأولية كانت تتوفر في سيارات ملاكي عادية في حالات نادرة تكون موجودة في سيارات الإسعاف الرسمية، وحجم التنسيق الكبير ساعد الجميع أثناء المواكب في معرفة مكان التعامل مع الحالات الطارئة سواء كان منزلاً أو سيارة أو خلافه، إضافة إلى أن اطباء داخل المواكب والتنسيق كان جيداً لدرجة معرفة كيفية الإخلاء.. فمثلاً شارع الشهيد عبد العظيم “الأربعين سابقًا” يعلمون أن الإخلاء يكون لمستشفى الأربعين وفي حالة امتلأ يعلمون إلى أين يتوجهون.

ما هي أبرز المخاطر التي واجهتكم أثناء شهور الثورة ؟
توقيف سيارات تخص الأطباء بواسطة الأمن رغم حرص الأطباء بعدم حمل الهوية المهنية ولا الهواتف الذكية باستثناء المطلوب منهم التوثيق .
لماذا لا تحملون الهوية المهنية ؟
نعتقد أن الاطباء أكثر فئة مستهدفة من قبل الملثمين، فالشهيد د. بابكر عبد الحميد وغيره من الأطباء قتلوا لأنهم أطباء يعملون على إنقاذ المصابين وأكبر المخاطر كانت في (الأمنجية) المندسين داخل المواكب وهم من كانوا يرشدون عن مكان الإسعاف ومكان عربة الطوارئ أو البيوت التي تحولت إلى مراكز إخلاء مصابين .

هل شهدت موقف هكذا به بلاغ من قبل الأمنجية ؟
أنا في الحقيقة لم أشاهده ولكن هناك اختصاصي جراحة صديقي هو د . ” ع ، ا” حول سيارته الخاصة إلى إسعاف إبان المواكب، وفي أحد المواكب تم تهشيم زجاج سيارته وتعرض لمضايقات من قبل الأمنجية في ضاحية بري خلال أحد المواكب.

لوحظ أن حصر أعداد الشهداء والمصابين كان دقيقاً إلى الحد البعيد ؟
كما قلت التنسيق كان دقيق جداً، وهذا التنسيق سهل من عمليات الحصر لأعداد المصابين والشهداء، فمباشر الحالات الميداني يقوم بتقديم بلاغ عن وجود إصابة وتفاصيلها، وهناك شخص مفرغ في كل منطقة لحساب المصابين في المستشفيات في كل منطقة تظاهرات لمطابقة أعداد البلاغات الواردة من الميدان ويقوم برفع الأسماء والبيانات ومكان الإصابة وخلافه ومن ثم تتم مطابقة هذه البيانات مع البيانات الواردة سلفاً من الميدان .

وأيضا نقوم بالتواصل حول أي بلاغ لمصاب لكنه لم يرد إلى المستشفى فهناك تنسيق واتصالات تجري داخل الأحياء والمناطق للتأكد من الإصابة وحجمها وتدوينها ومعرفة إذا كان في حاجة لمساعدة ، وهذا من أسباب التحديث المستمر لأكثر من مرة خلال اليوم وهذا في الخرطوم، والولايات أيضاً تتم لها عمليات المراجعة والمطابقة ومن ثم يتم رفعها في الصفحات الثلاثة نقابة الأطباء ولجنة الاستشاريين ولجنة اطباء السودان .

ما هي أصعب المواقف التي مرت عليك وما تزال عالقة بذهنك إبان الثورة ؟
المواقف كثيرة، أصعب لحظات إنك ” تشوف شهداء ماشين من الدنيا ورافعين علامة النصر”، وفي مواقف رأيناها لمصابين بالرصاص في بعض الأحيان لكنهم يصرون على الاستمرار في التظاهر ! ، وأكثر المواقف التي لا تنسى ما حدث يوم 9 يناير في أمدرمان فعدد الإصابات كان كبيرا جدا جدا، وكان الدخول للعمليات واحتمالات الوفاة واردة لأي حالة تدخل إلى العمليات بالإضافة إلى أن أكثر ما هزني، عندما جاءني اتصال من إحدى السياسيات وأخبرتني بوجود جثامين ملقاة بجوار مدرسة المؤتمر، فكنت من أوائل الواصلين، ووجدت أربعة شباب متوفين جراء الضرب بالرصاص، وكانوا مقيدين فلم أتمالك نفسي حينها فهذه الصورة لم أستطع محوها من ذاكرتي حتى الآن .

خلال الاعتصام كانت هناك تجهيزات كبيرة كيف تم ترتيبها وكيف كانت تدار العيادات ؟
في اللحظة التي كان التفكير منصباً في إعلان الاعتصام كانت مجموعات الاطباء تعمل على تجهيز عيادات لجهة توقعات حدوث إصابات، بدأنا بعيادات بسيطة أولها كان في الكهرباء وفي الصباح كنا نتحدث حول الاحتياجات مثلا نحتاج مكيف او نحتاج كذا، وكان هناك اناس عاديون يسمعون نقاشنا ” وهم ليسوا اطباء وبعد قليل تجد أن كل الاحتياجات وصلت ” ولا يعرف من أتى بها وكيف أتى بها .. وهذه من المواقف التي لم يصاحبها توثيق .

السوداني

تعليقات الفيسبوك

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى