عندما خرج طلاب مدينة عطبرة الثانوية في مظاهرات ضد ارتفاع سعر الخبز وعدم تمكن بعضهم من شراء (ساندوتش للفطور) لم يتوقعوا ان ينضم اليهم مواطنو الولاية ومن ثم اندلاع المظاهرات لاقتلاع النظام السابق بعد 30 عاما من الحكم ، وقتها اعتبر النظام ان تلك المطالب تستحق ان تواجه بالرصاص، فارتقى شهداء وجرحى في ذلك اليوم، وكرد فعل انتفضت بقية مدن السودان في وجه النظام السابق ورفعت شعار (تسقط بس).
وقبل اندلاع المظاهرات في عطبرة كانت مدينتا مايرنو والدمازين قد شهدت مظاهرات في 13 ديسمبر، 16 ديسمبر في احتجاجات علي تردي الوضع الاقتصادي.
تسقط بس
19 ديسمبر خرج طلاب بالمرحلة الثانوية بولاية الخرطوم تضامنا مع زملائهم الذين خرجوا في عطبرة ، كان ذلك في محطة الشرقي بشارع عبيد ختم، رغم ان عدد الطلاب لم يتجاوز الـ100 طالب، الا ان الاجهزة الامنية فرقتها بالغاز المسيل للدموع ، وكان بعض قواتها ملثمين ويضربون الطلاب بالعصي و(الخراطيش).
الشعار الذي استخدمه المحتجون في 19 ديسمبر كان (تسقط بس) ، وبعض انصار النظام البائد كانوا يعتبرون ان من يطالبون بذلك لا افق لهم، ويسألون ماذا بعد تسقط؟ومن البديل ؟.
في 19 ديسمبر بدأ النظام السابق يعتقل بعض الناشطين وبعض قيادات تجمع المهنيين، فكانوا معروفين كأعضاء اجسام مهنية، لانهم اعلنوا ميلاد التجمع عبر مؤتمر صحفي في اغسطس 2018م .
عضو تجمع المهنيين المعلمة قمرية عمر اشارت في حديثها لـ(السوداني) اى ان القوات الامنية في عهد النظام البائد اعتقلتها من المدرسة يوم 19ديسمبر من الصباح وحتى المساء، وعلمت انه تم اعتقال زملائها ايضا ، وقالت كان يتم اعتقال كل من يخالفهم الرأي .
قمرية اعتبرت ان الاحتجاجات في 19 ديسمبر انفجار في وجه النظام البائد ، ورفضا لسلوكه وممارساته غير الانسانية ضد المواطن السوداني، وقالت الشارع سبق تجمع المهنيين في المطالبة باسقاط النظام البائد ومن ثم تبنى التجمع الامر ، مشيرة الى ان اول موكب منظم باسم تجمع المهنيين كان يوم 25 ديسمبر بالسوق العربي ، وكان مقررا ان يوصل الى القصر الجمهوري ،وكان ينوي تقديم مذكر اعلان الحرية والتغيير ومطالبه وكان يرفع شعار ( تسقط بس) ، وقالت ان الاجهزة الامنية تعاملت معه بعنف، مشيرة الى ان بعض المحتجين طالبوا بأن تستمر المواكب يوميا ، الا ان تجمع المهنيين رأى ان يكون اسبوعيا حتى لا يقل حماس الثوار، لافتة الى ان العمل وتنظيم المواكب كان يتم عبر الواتساب حتى لا يتم كشف تجمع المهنيين ، وقالت النظام السابق كان يريد معرفة من يقود الاحتجاجات ، ولكنه فشل ، واضافت : كنا حريصين علي اخفاء انفسنا لتنجح الثورة المجيدة .
قوة مفرطة
المحتجون كانوا يعتبرون النظام السابق كان استفزازيا ويطالبوا بحقهم في التعبير السلمي لانه حق كفلته المواثيق الدولية ، لكن الاجهزة الامنية كانت تواجه المواكب بالعنف المفرط ، وكان ذلك موثقا عبر الصور ومقاطع الفيديو التي يتم نشرها عبر موقع التواصل الاجتماعي اثناء المظاهرات ، ورأى الناشطون ان الحكومة السابقة انتهكت حق المواطنين، وقدم المحامي نبيل اديب وآخرون عريضة للنائب العام وقتها عمر احمد وطلبوا منه توفير حماية للمتظاهرين ، واكدوا له ان مايتم هو اخلال بحماية الدولة لشعبها ويمكن ان يؤدي ذلك الي تدخل دولي وعلى الحكومة ان تعي ذلك، وطالبوا بوجود وكيل نيابة مع القوة التي تخرج للتصدي للمتظاهرين والا يتم استخدام القوة ضد المتظاهرين الا بإذن وكيل النيابة .
رئيس لجنة فض الاعتصام نبيل اديب قال لـ(السوداني) ان النظام السابق لا يعترف بحرية التجمع السلمي ، وكان يطلب تصديق مسبق للمظاهرات رغم ان ذلك مخالف للعهد الدولي لحقوق الانسان ، واضاف “كان يطالب بالتصديق ويرفض استخراجه” ، وعندما يخرج المتظاهرون يستخدم القوة المفرطة في فضهم.
اديب قال النظام السابق كان لا يرغب في توفير الحريات العامة ، موضحا ان اخطار السلطات بالخروج في تظاهرات من اجل حماية الموكب وتحديد مساره لتنظيم حركة المرور وغيرذلك .
مشيرا الى ان الشرارة التي اشتعلت في 19 ديسمبر لم تنطفئ حتى اضطر الرئيس المعزول الى اعلان حالة الطوارئ بالبلاد في فبراير، وقال انه رفع دعوى ضد المعزول وطلب من المحكمة ابطال قانون الطوارئ لانه لم يحدد الاسباب التي ادت هذا الامر ، لكن لم يصدر حكم.
لغة استفزازية
المسؤولون كان ينعتون المتظاهرون بصفات مستفزه ، وكان رواد مواقع التواصل الاجتماعي يسخرون من مطلقيها ، وكانوا يطالبونهم بالرحيل قبل ان تقتلعهم الثورة ، وقتها كان عدد الشهداء في كل موكب ، فيما كانت الحكومة تخفي العدد الحقيقي للشهداء ، كانت هناك منظمات ونشطاء يجمعون إحصاءات تتجاوز الارقام التي تعلنها الحكومة بكثير .
في التاسع من يناير الرئيس المعزول تحدث في خطاب من حامية عسكرية في عطبرة، واعلن وقتها انه تمت استمالة بعض ضعاف النفوس للحرق والتدمير ، وقال الدولة تبني وتشيد ، لكن البعض يدمر ويخرب ، واقسم بأنه ( اذا دقت المزيكا كل فار يدخل جحرو) وقال مافي مشكلة نسلم السلطة للجيش ، فيما اقر بالضائقة المعيشية واتهم جهات بالتآمر علي السودان .
فيما اعتبر مسؤولون بالنظام السابق ان المظاهرات لن تسقط النظام ، فنائب الرئيس المعزل علي عثمان قال ان المظاهرات لن تهز شعره في الإنقاذ ، وانها اثبتت فشلها ، مستدركا ان الحكومة ستعالج القضايا التي خرج من اجلها المواطنون الى الشارع .
علي عثمان صرح في لقاء إعلامي بوجود كتائب ظل سيتم استخدامها ضد المتظاهرين ، مشيرا الى انها تقوم بحماية النظام البائد .
المحلل السياسي عبدالله الدومة اكد في حديثه لـ(السوداني) ان الدكتاتوريين والاستبداديين على مر العصور لغتهم استفزازيه ، مشيرا الى ان الرئيس المعزول لم يشذ عن القاعدة ، وقال إن الاستبدادي جبان وعندما يحس بأن ماقاله لم يخيف الاعداء يخفف من حدة لغتة .
الدومة اشار الى ان الغرض من تلك التصريحات هو اخافة الثوار، لكنهم خرجوا في المواكب بانتظام، وزادتهم التصريحات ايمانا بقضيتهم، ودب الذعر في قادة النظام السابق واحتاروا ماذا يفعلون مع الثوار وجربوا صنوفا مختلفة، لكن في النهاية نجحت الثورة
المصدر : السوداني