أدى إعلان رفع اسم السودان رسمياً من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، إلى تنامي التوقعات بتحسن كبير في اقتصاد البلاد، بالنظر إلى ما يعنيه القرار من مكاسب متوقعة في شتى مجالات الاقتصاد. وبالمقابل ثمة عقبات “خارجية وداخلية” تعوق تحقيق الاستفادة المثلى من الأمر، فما هي أبرز تلك العقبات..!!
قانون التحول الديمقراطي
ويشكل القانون الأمريكي الجديد بشأن السودان، عقبة رئيسية أمام الاقتصاد السوداني للاستفادة الكاملة من الإزالة من قائمة الإرهاب، بالنظر لما يحويه القانون من اشتراطات يبدو من العسير الوفاء بها “على الأقل في المدى القصير”، خاصة فيما يتعلق بدور المؤسسة العسكرية في نظام الحكم، وإخضاع الاستثمارات العسكرية لسلطة الحكومة المدنية، على أن تقتصر استثمارات الجيش على ما يليه من أنظمة ومطلوبات التسليح.
مكتب “أوفاك”
وثمة عقبة أخرى يُمثلها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية “أوفاك” وما تزال منشوراته السابقة سارية دون تغيير ومنها ما يتعلق بحصوله على توضيحات عن برنامج السودان والعقوبات المتعلقة بدارفور، وأجوبة الأسئلة الشائعة بشأن العقوبات الأمريكية، وحسب آخر منشور لـ”أوفاك” فإن الإجراءات المفروضة بموجب إعلان الطوارئ الوطنية بشأن السودان في الأمر التنفيذي رقم (13067) لا تزال سارية، ورغم أن هذا الأمر التنفيذي قديم لكن تم توسيعه في العام 2006م ليشمل العنف في منطقة دارفور، ونوه إلى أن حالة الطوارئ الوطنية هذه تمثل الأساس لعقوبات مكتب مراقبة الأفراد والكيانات فيما يتعلق بالنزاع في دارفور.
عقبات داخلية
وتشكل عدة عقبات داخلية حجر عثرة أمام الاستفادة الكاملة من القرار الأخير، أبرزها ضعف أداء الحكومة الانتقالية، حيث يشير مراقبون إلى أن الحكومة ما تزال عاجزة عن معالجة وحل المشكلات التي أدت إلى الثورة، حيث ما تزال مؤشرات ضعف الحكومة السابقة ملتصقة بحكومة ما بعد الثورة مثل غياب الحوكمة، (الرقابة المالية والإدارية) للنظام السابق، ولا سبيل بغير تعزيز وصول ثمار الاقتصاد إلى عموم الشعب السوداني وأن تتم معالجة الفقر بجعله الموضوع الأكثر أهمية بالنسبة للحكومة الجديدة، مع توفير فرص العمل الكافية لاستيعاب القادمين الجدد إلى سوق العمل، ووضع شعار الشعب أولاً، ومستقبل الأجيال القادمة، وذلك من خلال توفير فرص العمل وتنشيط القطاعات المنتجة محلياً، ودعم القدرة على المنافسة، وبالمزيد من المشروعات، خاصة الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر التي تستوعب البطالة، وكذلك التغلب على التحديات التي تراكمت قبل الثورة أو كنتيجة لها.
سطوة الاقتصاد الموازي
كما يشكل “الاقتصاد الموازي” عقبة أمام الحكومة الانتقالية بالنظر لما يشكله من ثِقل وتأثير، حيث تدار مئات الأنشطة الاقتصادية بعيداً عن سيطرة الحكومة، وتدر عائدات ضخمة لا تجد طريقها للقنوات الرسمية على شكل أموال سائلة وأرصدة غير مالية، وتحتاج الحكومة إلى قرارات شجاعة ومدروسة لتتمكن من توفيق أوضاع الاقتصاد الموازي، وضمه إلى الاقتصاد الرسمي، لأنّ ذلك يُمكّنه من زيادة الدخل، والإسراع في تحصيل المتأخرات الضريبية، لأنّها خُطوة مهمة من خطوات الإصلاح الاقتصادي، وهي خُطوة مهمة تم تأجيلها من بداية العام 2018م كمتطلب من متطلبات الموازنة ولكن تم تأجيلها أكثر من مرة.
عدم الاستقرار الاقتصادي
عدم الاستقرار الاقتصادي هو أحد الإشكاليات التي تؤثر في عملية جذب الاستثمارات، بجانب قضية الإنتاج والإنتاجية التي لم تتحقق فيها أهداف الاستثمار وهو زيادة الصادرات من الصمغ العربي والماشية والمعادن والقطن، وأن يتم تخفيض استيراد القمح والأدوية وزيوت الطعام التي يمكن تحقيق الاكتفاء الذاتي منها بقليل من الدعم الحكومي.
وتحتاج الحكومة إلى اتخاذ العديد من الإجراءات التي من شأنها النهوض بالاقتصاد، مثل: ترشيد الإنفاق العام، أو حتى إعلان التقشف مثلما فعلت دول كبرى عديدة، وتكثيف مكافحة التهريب الجمركي والتهرب الضريبي.
حسن استغلال الموارد
ويأتي مطلب حسن الاستخدام الأمثل للموارد ضمن العقبات، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى التفكير في أساليب جديدة لرفع الاحتياطي النقدي الأجنبي للبلاد، في ضوء التحديات التي تُواجه مصادره الرئيسية، والتي تُسجل جميعها تراجعًا ملحوظًا، خصوصاً الدخل من الصادرات الزراعية والثروة الحيوانية والثروة المعدنية، وزيادة عجلة الإنتاج، والحد من الواردات غير الأساسية، وخفض حجم استيراد السلع غير الاستراتيجية وتشجيع الصناعة المحلية والحفاظ على الاحتياطي الأجنبي.
إنعاش الصناعة
تعد أزمة المصانع المتعثرة إحدى الملفات الشائكة، وذلك نتيجة عدم قدرة تلك المصانع على التكيُّفِ مع المتغيرات الاقتصادية الأخيرة، وكذلك ارتفاع تكلفة الإنتاج الصناعي من ناحية، أو عدم القدرة على الالتزام بالمستحقات المصرفية والمالية الواقعة عليها من ناحية أخرى، كما أنّ هناك أسباباً أخرى، مثل تعثر المصانع جزئياً وكلياً، فبعض المصانع تعمل بأقل من (50%) من طاقاتها الإنتاجية، بينما تعجز مصانع أخرى عن الإنتاج تماماً وتمثل الصناعات الصغيرة القطاع الأكبر من المصانع المتوقفة.
وتواجه الصناعة الوطنية معضلة تتمثل في صعوبة المنافسة خارج السودان، خاصة وأن الاقتصاد السوداني في وضع صعبٍ، نسبة كبيرة من البضائع المستوردة من دول الجوار تصنع بكلفة أقل وأغرقت السوق السوداني، عليه لابد من قرارات تستهدف الحد من فوضى الاستيراد العشوائي من الخارج وتشجيع المنتج الوطنى أمام المنتجات الأجنبية في ظل شح موارد البلاد من العملة الصعبة.
الصيحة