إسحاق أحمد فضل الله يكتب: خطاب لسكرتير التحرير
لإمتاع والمؤانسة شيء يذهب إليه أبو حيان التوحيدي..
لأنه كاتب عنده دولة فيها قانون ربنا، وعنده الأمان والمجتمع الذي فيه العيب والحرام والصاح والغلط والركائز التي هى خلايا وروح كل مجتمع يستحق العيش فيه، والذي لما يجمع ابن خلدون خلاياه يخرج بأعظم تعريف سياسي اجتماعي اقتصادي للمجتمع الذي يبحث عنه من نزلوا من سفينة نوح…
الكتابة التي هي الإمتاع شيء يصبح هو الخمر الآن.
خصوصاً أن الخمر على الجوع تؤدي في داهية.
والكتابة هذه لا نريدها حتى لا نزيد الناس خبالاً.
وكتابة أخرى إذن هي الضرورة التي لا بد أن يبحث عنها الناس الآن.
كتابة هي الرغيف والدواء والمهنة والزواج وووو..
..كتابة هي الحياة.
والكتابة هذه محاولة وصفها هي شيء يجعلنا نقف أمام الجائع لنؤكد له ضرورة أن يأكل ونقدم له طعم الرغيف ورائحة الرغيف وحلاوة الرغيف…
كتابة جديدة إذن هي المطلوب.
والترجمة…. ترجمة الهذرمة هذه… هى أن ما يجب أن ينبسط الآن من الكتابات هو الكتابات التي تتخطى وتلغي وتجعل الناس يتجاوزون ردم كلمات مثل البرهان حمدوك مناع زيد عبيد.
وردم كلمات تردم الأحداث.. الأحداث.. الأحداث… كلمات تتجاوز هذا لتقول للناس وتصف للناس وترسم للناس كيف ومتى وأين يخرج الناس من بئر (الأدبخانة) التي يغرق الناس فيها…
نمشي في الطريق ولا نرى الطريق.. نحدق فى الناس والأحداث ولا نرى الناس والأحداث..
ونركم الأحداث مثل مواد المعمل لنعيد خلطها وفرزها وعصرها لنخرج من قوارير العمل بالإجابة.
نعصر (الشخصية) السودانية
ونجد/ في الفطرة السودانية والعبقرية الفطرية التي تدوخ أعتى المخابرات/ نجد…. علي ود بلولة الذي حين يجد الناس عمياناً تماماً يجهلون كل شيء عن الجيش الإنجليزى الزاحف.. يقرر أن يجعل من نفسه أعظم جهاز مخابرات.
الشاب علي ود بلولة يصحب زوجته وهو يتجه إلى جيش الإنجليز (وسوداني يدخل بزوجته معسكر العدو هو عبقري مستقتل.
والرجل يعرف أن الإنجليز يعرفون أن السوداني يخاطر بكل شىء…. إلا امرأته…. وعلي ود بلولة بهذا يجعل القادة الإنجليز يصدقون أنه مجد أعرابي أبله كان مسافراً لما قابل الجيش.
والخطوة التالية كان يعرفها ويعد عدتها.
ود بلولة كان يعرف أن الجيش ظل يتفادى القرى والطرق لأنه كان يخفي نفسه بصرامة.. و ود بلولة يعرف أن الجيش سوف يعتقله (وهذا يعني أنه سوف يكون في قلب جيش العدو).
و ود بلولة يعرف أن الجيش سوف يقع كله فى يده/ يد ود بلولة/ حين يستخدمه دليلاً.
والعبقري ود بلولة كان قد أعد أربعة من الرجال يغوصون في الصحراء
ومهمتهم هى أن يتتبعوا النيران.. وأنه سوف يشعل اللهب كل ليلة حتى يلتقط الرجال موقع الجيش.
ولا جيش في الدنيا يسمح بإشعال النار في الليل.. لكن ود بلولة كان يزعم للجيش أنه لا يستطيع أن يرى النجوم/ التي يقودهم بها/ إلا بعد أن يشرب عدة أكواب من القهوة.
والقهوة لا بد أن تعدها زوجته
وأن الكيف لا يتم إلا بصنع القهوة على اللهب بالذات.
وهكذا كان الناس يتلقون معلومات كافية عن الجيش كل ليلة.
علي ود بلولة بعدها استشهد في المعركة.
آلاف الحكايات عن السوداني المخلص الشجاع العبقري تجدها ونجدها ونحن نتخبط مذهولين نبحث عما جعل السوداني ينتقل من علي ود بلولة إلى لجان المقاومة وقحت.
أستاذ سكرتير التحرير.. السوداني الآن يصلون به إلى درجة الآن شيء لا هو يعرف (روحه) ولا هو يعرف دينه ولا هو يعرف وجود قطعان الوحوش حوله.
حتى الإعلام لا يعرف… لا يعلم…. لا يدرك …. لا يحس …لا يريد ….
اللهم… اللهم… اللهم
البعض يُصاب بخيبة أمل لأنه لا يجد في حديثنا اليوم حمدوك.. التمكين.. الجوع… ال…ال…
الانتباهة