الطيب مصطفى يكتب.. الامام الصادق بين الدوحة وابوظبي وودالشيخ!

اوشكت في البداية ان امنح هذا المقال عنوان يا ابراهيم الشيخ : المشتهي الحنيطير يطير ثم عدلت!.

إذ قال ابراهيم الشيخ مخاطبا الاسلاميين : (لا تصالح ولن تعودوا)!

الخبر نشرته صحيفة (الانتباهة) نقلا عن (العين الاخبارية) وهي صحيفة الكترونية اماراتية تخدم عراب التطبيع مع العدو الصهيوني في العالم العربي بل وربما في العالم اجمع .. هو ذات الرجل الذي اقام لبوذا في بلده صنما ضخما ولا استبعد اقامة حائط مبكى لليهود!

لو تركونا لتركناهم ، ولكنهم رغم بيت الزجاج الذي يقيمون فيه يصرون على قذفنا بالحجارة ، فتبا لهم وتب!

دولة الامارات هي اليوم زعيمة المعسكر المعادي لما سموه بالاسلام السياسي ، وما هو باسلام سياسي انما هو ذات الاسلام الذي بعث به الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم. فديننا يوحد الأمر كله لله تعالى سياسة واقتصادا واجتماعا وثقافة وفنا ، ذلك ان الله تعالى لا يغفر أن يشرك به ويرفض بل ويجرم ويحرم الشرك السياسي الذي يبشر به بنوعلمان.. حربها على الاسلام (السياسي) ودعاته تمتد على مستوى العالم اجمع ، وبلادنا ليست استثناء بل هي في قلب المعركة!

نعود لابراهيم الشيخ الذي يعرف من اين تؤكل الكتف خاصة عندما يخاطب صحافة الامارات فقد قال : (لا عودة ولا تصالح مع انتهاكات نظام الاخوان المعزول) ثم انتقد حديث البعض حول (المصالحة مع نظام الاخوان) ، مؤكدا ان ذلك (يعني ارجاع الثورة الى الوراء)!

أقول إن عبارة (نظام الاخوان) هذه تستخدم فقط عندما يتعلق الامر بعدو(الاخوان)الاستراتيجي (حاكم الامارات) الذي نسي ان زعماء كبار ، اضخم منه مئة مرة ، في وزن جمال عبدالناصر كانوا قد ناصبوا حركة (الاخوان) العداء ، لكنهم ماتوا وبقيت الحركة بل ظلت تتمدد لتعم العالم اجمع بمرجعية واحدة وباسماء مختلفة تتلألأ بعطائها الثر في شتى ارجاء الدنيا.
قبل ان اعود للعلماني ابراهيم الشيخ اود ان اعقد مقارنة بسيطة ، على سبيل المثال ، بين موقفي الدوحة وابوظبي في التعامل مع الامام الصادق المهدي رحمه الله وذلك لكي نعرف الفرق بين الثرى والثريا.

توجسنا خيفة والله حينما جُهزت الطائرة الاماراتية لتقل الامام الصادق للعلاج بعد ثلاثة ايام من حديثه الرافض للتطبيع مع دولة الكيان الصهيوني وتهديده الجازم والحاسم بانه لن يتهاون مع الحكومة السودانية لو مضت في ذلك الطريق الوعر .. لم يعد الإمام الصادق من الامارات الا في صندوق ، وهل كان سيحدث له ، لو عولج في وطنه ، اسوأ مما حدث له في ابوظبي؟!

ليس ذلك هو الخبر الذي يفقع المرارة ويفري الكبد ، فاقدار الله نافذة (ولو كنتم في بروج مشيدة) ولا نتهم احدا بالتآمر ، إنما الخبر أنهم حسب علمي ، لم يرسلوا مع الجثمان موفدا للعزاء تقديرا لواقعة انه مات في بلادهم ، بل لم يرسلوا احدا بعد ذلك للعزاء ، بل لم يُعزوا حتى عبر الهاتف انما اكتفوا بارسال برقية تعزية متاخرة للرئيس البرهان هي التي يرونها تليق بنا نحن التافهين ، مهما عززنا محتدا وشرفا، ومن تراه اعظم واكرم واعز من الامام الصادق الصديق عبدالرحمن محمد احمد المهدي ليحترم السودان وشعبه في شخصه؟! نعم ، هذه قيمتنا عند اولئك المستكبرين!

اعقدوا المقارنة في تعاملهم مع مصر بل مع غيرها واحكموا!
اما قطر الوفية التي لم يمت الامام الصادق فيها فقد ابتعثت احد وزرائها للخرطوم كمبعوث سيادي قابل ابن الامام الاكبر اللواء عبدالرحمن واسرة الامام ، واتصل امير قطر الشيخ تميم بنفسه معزيا عبدالرحمن الصادق وفعلت والدته الشيخة موزة ذات الشيء حيث اتصلت بمريم الصادق بعد يومين من الوفاة.
شتان شتان ..فهل امتنت دوحة العرب علينا في اي يوم من الايام وهي تستضيف لعدة سنوات وفدي التفاوض بين الحكومة وحركات دارفور المسلحة ، او هي تقيم القرى النموذجية في دارفور وتصرف على السلام بلا من ولا اذى؟!
حدثوني عن يوم واحد فكر فيه اي من افراد الاسرة المالكة في الامارات ان يطأ بقدميه الشريفتين بلادنا (القذرة) هذه التي لا تعامل الا بالعطايا والهبات الرخيصة التي تذهب لجيوب المتكبكبين والمتهافتين على حطام الدنيا الفانية من الارزقية على حساب كرامتهم وكرامة بلادهم وشعبها الأبي.
اولئك اناس ما عادوا يتعاملون الا بالمال والمادة ، أما عالم القيم والاخلاق والمباديءفقد تُودع منه وفارقوه فراق غير وامق.
زارنا الشيخ تميم كما زارنا والده الشيخ حمد وعاملونا باحترام وباخلاق الاسلام ولم يتكبروا علينا في اي يوم من الايام او يبتزوننا سياسيا او يتآمروا علينا او يلووا ذراعنا لانفاذ اجندتهم السياسية نحن الذين نقطع العلاقات مع حلفائنا من اجل من يجافوننا ويزدروننا حتى قبل ان يقوموا هم بقطعها ،ونرسل شبابنا للموت الزؤام في سبيل قضية لا ناقة لنا فيها ولا جمل ، ورغم ذلك تسهر حرائرنا حتى الصباح في صفوف الخبز والوقود (البائر) في بواخرهم التي تمخر البحار !
ايهما بالله عليكم اجدر بالثقة والاحترام والاحق بالتعاون والتحالف معهم ووضع ايدينا في ايديهم بدون ان نخشى عليها عضا او بترا؟!

نعود لابراهيم الشيخ الذي سارع في عزف ما تحبه تلك الصحيفة الاماراتية وهو ذات ما فعله ود الفكي قبل نحو شهر بتملق ذميم نثره عبر احدى صحف المملكة بعد زيارة قام بها للسعودية اراغ فيها ماء وجهه ووجه السودان الذي لا يستحق ان يمثله اولئك الهوانات.

يا ابراهيم بالله عليك من انت ومن تمثل حتى تُسعد تلك الصحيفة الرخيصة وتفرحها بقولك : (لن يكون لاخوان السودان دور في المشهد السياسي مرة اخرى) ؟!
دعك من شعارات الحرية ومما تتيحه وثيقتكم الدستورية التي تمنع الاقصاء الذي تمارسونه على خصومكم السياسيين منذ ان جثمتم على صدر السودان واوشكتم ان (تفطسوه) جوعا ومسغبة ، ودعك من حزبك المجهول الذي لم يسمع باسمه حتى اليوم الا قلة قليلة من مواطني السودان ، هل نسيت الحزب الشيوعي الذي انشأكم في جامعة الخرطوم كواجهة سياسية باسم مؤتمر الطلاب المستقلين ليشتت اصوات الطلاب مكايدة للاتجاه الاسلامي ..هل نسيت ما الحقه به الاسلاميون الذين اسقطوه في دوائر الخريجين في عام 1986 بعد ان كان مكتسحا لها في عام 1965؟!

عرفنا الفيكم بل عرفنا علمانيتكم التي اعلنتم عنها على رؤوس الاشهاد وهي ذات السبْة التي اطاحت بالحزب الشيوعي وعطلت مسيرته ونكلت به شعبيا وقذفت به في مزبلة التاريخ بعد ان كان شيئا مذكورا.

نحمد للفترة الانتقااية انها كشفتكم وعرتكم وابانت عواركم وهزالكم وسقوطكم المدوي وانتم تتنكرون للمبادىء ولشعارات الثورة بل وللنصوص الدستورية التي مهرتموها بتوقيعكم.
لطالما خاطبتكم يا ابراهيم وذكرتكم وزعيمكم عمر الدقير بمواقفنا المناصرة لكم عندما اعتقلتم ابان العهد السابق ولكنكم اغمضتم اعينكم بل شاركتم في حملات الاقصاء والتشفي والكيد المجنون والحقد الاعمى سواء في لجنة الانتقام والتمكين الجديد او في غيرها من الممارسات الرعناء.
اما اداء حكومتكم فقد سجلناه فيديو (بالصوت والصورة) ، ولا اظنك نسيت احاديثكم ومخاطبات ولدكم خالد سلك في احداث عام 2013 ايام رفع الدعم عن الوقود.

قارن يا ابراهيم الشيخ بين الاحوال اليوم وبين الحال ايام النظام السابق الذي كنتم تسلقونه بالسنة حداد بينما تصمتون اليوم عن كل الفساد المستشري وعن المخازي والجرائم التي يقترفها نظامكم الاستبدادي الفاشل وعن الغلاء الفاحش وانهيار التعليم والنظام الصحي والحرب على الدين.. ذلك وغيره كثير هو الذي سنهيل به التراب ليس على رأس حزبكم المجهول الذي لا يستحق كثير عناء للفتك به وازاحته من المشهد السياسي ، إنما على رأس الحزب الشيوعي الذي انشأكم في يوم كئيب من ايام السودان ، وليتكم ترجعون للاصل وتنضمون اليه تجنبا لتشتيت الاصوات ، فلا فرق بين التعيس وخايب الرجاء*

الطيب مصطفى

Exit mobile version