العيكورة يكتب: حتى لا تختصروا مطار الخرطوم في (شنطة)

كثيرون هم من يسوءهم نجاح الاخرين ولكن الاكثر مرضاً هم من يسوءهم نجاح الوطن وتميز أبنائه وكثيرون هم من تبهرهم بلدان الاغتراب بأنوارها وزخرفها وليتهم يقفون عند ذلك بل يعكسون ذات الاعجاب ذماً وقدحاً في مقدرات وطنهم بعيداً عن كل إنتماء وشعور بالوطنية ويقينٌ بأن الارزاق بيد الله.
ما دعاني لكتابة هذه المقدمة هو الشعور بالألم مما تداولته الوسائط وإستندت عليه بعض القنوات الفضائية (غير الأمينة) بخصوص ما تم تداوله عبر مقطع فيديو يقال أنه لركاب قادمين لمطار الخرطوم عبر طائرة تركية فقدوا أمتعتهم بالمطار! برأيي أن الحادثة تظل عادية ومعزولة وتحدث فى كل مطارات الدنيا ويتم معالجتها وتعويض المتضرر وبنص القوانين الدولية وإلى هنا يجب أن نضع نقطة (سطر جديد) هذا في حال ثبوت الواقعة ولكن أن تطير بها الأسافير قبل أن يتحدث المتهم (مطار الخرطوم) ليوضح ما حصل إن كان حصل فهذا يعني أن هناك نيّة مبيتة من صور ونشر المقطع للإساءة لوطنه أو لتصفية حسابات شخصية مع شخصيات داخل المطار لذا لن أخوض طويلاً فأعتقد أن مطار الخرطوم له إدارته وإعلامه وهما المناط بهما توضيح الحقائق للرأي العام الداخلي والعالمي بما فيها تلك القنوات التي تناولت الخبر بصياغة لا تخلو من (الشماتة) وسنعود للمذيعة الشقراء التي طالعتنا متهكمة في خواتيم هذا المقال.
كثيرون الذين يجهلون أن المطارات هي هياكل مدنية محكومة بقوانين دولية وهي واجهة الدول لذا تحرص دول العالم أن تكون تلك الواجهات في أرقى صورة من حيث المظهر العام أو الخدمات أما التعامل مع الخدمات الجوية فهو نظام عالمي لا تختلف عليه جميع مطارات العالم.
نعم قد تتفاوت الدول في مستوى الخدمات الأرضية أما التعامل مع الطائرات فالنظام موحد عالمياً. وعادة تتولى شركات خاصة الخدمات الأرضية مثل النظافة ونقل العفش وتشغيل النقل الداخلي بنسب متفاوتة بين شركات الطيران وبين إدارة المطار المعني. وهناك عقودات وجزاءات تطبق ضد شركات الطيران أو الشركات المشغلة للخدمات الأرضية فى حال التقصير. إذاً ضياع عفش أو نقصانه وإلى ما ذلك يظل مسؤولية مشتركة وليست من مسؤولية المطار وحده (أي مطار) لذا تجد الجهات الأمنية بمختلف أنواعها تشترك مع إدارة المطار في توزيع المهام فمثلاً من يفحص جوازات السفر ليست إدارة المطار ومن يفحص الأمتعة أمنياً ليست إدارة المطار ومن يوقف الممنوعين من السفر ليست إدارة المطار لذا (برأيي) أن من ينادون بتشكيل طاقم أمني موحد بالمطار يجهلون هذه الحقيقة وهي أن المطار يظل مرفق مدني.
مطار الخرطوم الذي يسخرون من خدماته وينعتونه بعبارة تستوجب المقاضاة وهي (بسرقوا العفش) (برأيي) هذا ما يجب الإلتفات اليه من إدارة المطار من اليوم فصاعداً فالمطار قبل أن يمثل الحكومة يمثل وطن ولن نرضى أن يُهان وطننا عبر مقاطع مقصودة الهدف وقد تكون مدفوعة الثمن! مطار الخرطوم الذى يحاول الكثيرون إختصاره في (شنطة) راكب هو المطار الوحيد الذي ظل يجتاز كل معايير العالمية رغم البؤس، مطار الخرطوم ظل (دولياً) رغم أنوف المبهورين بأنوار الخليج وأوروبا وتركيا. مطار الخرطوم هو المطار الذي تمنت ملكة بريطانيا (اليزابيث) أن يكون مطار (هيثرو) في مستوى نظافته. مطار الخرطوم هو المطار الوحيد بالشرق الاوسط الذى لن تجد فيه أجنبياً واحداً فكله يُدار بكفاءات وطنية سودانية خالصة فحدثونى عن أقرب مطار وكونوا صادقين عن الجنسيات التى تُشغل مطارات الجوار .
وهذا (برأيي) ما يوجع أن من بين بني جلدتنا من يُسئ لوطنه بعلم أو بجهل أو بإستغلال بعضهم نشر أن شركات طيران أوقفت رحلاتها بعد حادثة (التركية) المعزولة دون أن يقدم الدليل وأتمنى صادقاً أن تتحرك الإدارة القانونية بالمطار لمتابعة ما ينشر ويسئ لهذا الوطن عبر مطار الخرطوم.
أتيحت لي فرصة ذات يومٍ بالتجوال داخل غرف المراقبة الالكترونية وشاشات المراقبة بمطار الخرطوم ومستودعات العفش الذي يتأخر أصحابه عن إستلامه والله رأيتُ الأدوية محفوظة داخل الثلاجات. شاهدت مجهوداً وعمل وشباب وشابات من أبناء وبنات هذا الوطن يصلون الليل بالنهار بكل تجرد لم أر بينهم أجنبياً واحداً، رأيتهم يفترشون (سجادات) الصلاة داخل غُرف المُراقبة الإلكترونية حتى لا تفوتهم (ثانية) في ورديات لا تعرف الكلل والملل فهل مثل هؤلاء يستحقون أن يُساء إليهم عبر مقطع (شنطة) مفقودة أو منقوصة لها مجراها القانوني وتحدث في أرقى مطارات العالم فلم تحشرون أخلاقنا وقيمنا السودانية السمحة في هذه الحوادث المعزولة فمن أراد أن ينال من الحكومة عليه أن يذهب إلى القصر الجمهوري ومجلس الوزراء، ولكن من أراد أن يسئ لهذا لوطن عبر مطار الخرطوم فلا وألف لا .
قبل ما أنسى: ـــ
إلى المُذيعة الشقراء التي لم أتبين بأي قناة تعمل والتي إستندت قناتها على المقطع المتداول دون أن تحدد مصدره أو على الأقل أن تذكر جملة (لم يتسن لنا التأكد من صحته) أو جملة (إن صحّ ذلك) أقول لها أعجبتني كلمة (شنتايتك) مُنسابة حلوة على شفايفك تقصدين بها (الشنطة) وأتمنى عندما يصدر بيان عن إدارة مطار الخرطوم أن تفردوا له ذات المساحة وتملكوا الناس الحقيقة وبذات (البلوزة) الوردية وذات الخصلة التي تدلت على يمنيك ولك الود أيها الفاتنة فأخلاق السودانيين أعلى من أن يطالها صوتك الرنّان فمهما لهثتُم خلف المقاطع المُغرضة فسنظلُ نحنُ كما نحنُ وطناً للفضيلة والصدق والجمال وللإعلام حصافة وذوق فتعلموها.
الانتباهة
