إسحاق أحمد فضل الله يكتب: التنقش
لا تقل عبد الرحيم.. قل التنقش ليزدحم عندك كل شىء.
الضحكة الضخمة البكاء الضخم النفس الضخم الروح الضخمة.
عبد الرحيم…. توضأت فى بيتك مغيب الخميس الاسبق يوم زواج الولد، وتوضأت فى بيتك اليوم للصلاة عليك، ولن اتوضأ فى بيتك بعدها لاننى لن ادخل بيتك بعدها.
لم ننصب صيوانا يا عبد الرحيم لكن الناس جلست فى الشمس.. لم تعد هناك دنيا لينصرفوا اليها.. الدنيا دفناها تحت الليل فى مقابر ام قحف.
عبد الرحيم.. قليل من جاء ورفع يديه بالفاتحة.. كل احد كان يدخل وهو يمشى ببطء…. ببطء.. ثم يقف فى منتصف الساحة ثم يتلفت ثم يختنق ثم ينخج ثم يهتز اعلى واسفل ثم ينفجر يجأر ويجعر ويخور بالبكاء.
عبد الرحيم.. من اجهدهم البكاء جلسوا فى شىء مثل الخدر لم يكن احد يكلم احداً.
وكان كل احد يسألك هل كنت تسقينا كل تلك المحبة لتنزعها منا بالجبادة.. ليصبح كل شىء حنظلاً وبلمحة واحدة؟
عبد الرحيم.. الاسبوع الماضى ونحن نحدث فى مأتم فى بتري كنا نقول: اللهم لا نشهد وفاة حبيب آخر فقد انهردت اكبادنا بالاحزان.. ويؤلمنا ان الله لحكمة عنده سبحانه لا يجيب دعاءنا، فقد كان فى الغيب ان كبدنا سوف تنمزع عليك.
الله يفعل ما يشاء.. الله يفعل ما يشاء.
كل احد يا عبد الرحبم يقالد كل احد ويبكي.. لكنني لا اقالد احداً فالحزن عليك شىء خاص.. شىء خاص.. عبد الرحيم.. المناسبات سمحها وكعبها فى الأسرة كانت تلتفت الى عبد الرحيم.. وفى المناسبة حيث يجلس عبد الرحيم هناك اللمة عادة
والمقطع والاخبار والهزار.. واول من يدخل الحوش فى اية مناسبة فى فروع الاسرة هو التنقش.. فاذا جاء التنقش فقد استقام الامر.. ومن يودع آخر الضيوف هو التنقش واقفاً فى عراقى وطاقية وضحكة تصحب الضيف حتى الشارع.
عبد الرحيم.. بيتك لن ندخله بعد اليوم.. فليس البيت هو البيت
واللمة.. لمة كل مناسبة حين ندخلها. لن نتلفت نبحث عن عبد الرحيم كما اعتدنا ان نفعل.. ولا .. ولا..
زرت قبرك بعد طلوع الشمس وقبر امى وابى واخوانى الاثنين واختى … و… و…. وكنت كما هى زيارة القبر اسلم على الميت واقول لامى سلام الله عليك انا ولدك اسحق، واقول لابى سلام الله عليك يا أبوى انا ولدك اسحق.
وقلناه لاخوانى واختى وقبرك عنده قلنا لك: سلام الله عليك يا التنقش يا حبيب.
ومشيت الى الفراغ.. الى الفراغ.
الانتباهة