إنتقد النائب البرلماني المستقل السابق أبوالقاسم برطم عمل لجنة التفكيك وقال أنه ليس ضد تفكيك التمكين ، وأشار إلى أن طريقة عملها الحالي أصبح خصماً على الثورة وخلق غبائن ، موضحاً أن الثورة قام بها المستقلون وسرقتها الأحزاب السياسية، مشيراً إلى أن حمدوك لا يصلح لقيادة المرحلة المقبلة لهذه لجملة من الأسباب… وأضاف برطم في الحوار:(أي زول يقول إن الاسلاميين يمكن لفظهم من المجتمع دا زول خيالي)…إلى تفاصيل الحوار:
• كيف يقرأ أبو القاسم برطم الواقع السياسي والاقتصادي الآن؟
ــ في تقديري ان الواقع الاقتصادي والسياسي الآن مبهم جداً وغير مبشر ابداً، اذا نظرنا للتوقعات والاحلام الكبيرة التي توقعها الناس قبل الثورة، وهذا في تقديري لديه اسبابه، وهو واقع غير معلوم، واذا سألت اي مسؤول حكومي ماذا سيحدث غداً او بعد ساعة فلن تكون لديه اجابة، وهذا في تقديري بسبب غياب الرؤية، لأن الحكومة التي تكونت لم تمتلك اية رؤية تستطيع بها اخراج البلاد من الواقع، وأنا لا اريد المقارنة مع النظام السابق، لأن السابق كان سيئاً (عشان كده قامت الثورة)، وواقعنا اليوم متردٍ وفيه سيولة أمنية وغياب هيبة الدولة وغير مريح، واقتصادياً حدث ولا حرج وسياسياً فيه (لخبطة) وتهافت مجنون على كيكة السلطة (الضعيفة) التي لا تسمن ولا تغني عن جوع.
• هل لديك رؤية للحلول؟
ــ انا رؤيتي قلتها منذ أول يوم (وتاني بقولها)، فاختلافنا مع الحرية والتغيير في عدد من الملفات، لاننا عندما نقول لا نريد اقصاءً ولا تشفياً نعلم أن هذا لا ينفصل عن كل الملفات سواء السياسية أو الاقتصادية؛ لأنها تشكل واقع الدولة التي نريد، وفي تقديري نحن محتاجون لحكومة كفاءات مستقلين دون احزاب، ولديها برنامج يتم تنفيذه عبر مؤهلين في ظل وجود هيبة حقيقية للدولة، والهيبة هنا لا تعني التسلط ولا القبضة الأمنية الضاربة مثلما في الانقاذ، لكن القانون مفروض يكون موجوداً لانه في ظل عدم القانون اذا جئت بـ (حاوي) من السماء لن يحل مشكلة السودان، ونحتاج الى ترسيخ هيبة الدولة والقانون وتطبيق شعارات الثورة (الحرية والسلام والعدالة)، وتطبيق القانون على الكل، فنحن نحتاج الى برنامج مرحلي واضح المعالم ومنطقي وعملي وليس برنامجاً خيالياً.
• بالطبع التشاكش بين مكونات الفترة الانتقالية له تأثيره؟
ــ اعتقد ان التشاكس شيء طبيعي، ولكن في تقديري ان المستقلين كانوا هم اساس الثورة وليس الاحزاب السياسية التي قفزت فوق الثورة وسرقتها، ولو كانت الدعوة للخروج ضد النظام السابق باسم حزب سياسي فلن يخرج لها احد، لكنها كانت باسم تجمع المهنيين غير الحزبي، لذلك نحن نعرف ان (قحت) هي عبارة عن عدد من الأجسام المتناقضة، وبالتالي طبيعي الا يتجانسوا، ومع ذلك اذا كانت مكونات (قحت) تجردت من اللهث وراء السلطة لكان قد وصلنا لاتفاق، ولكن اعتقد ان اي حزب، بما لديهم فرحون ويريد ان يتسيد الموقف، ويأكل الكيكة لوحده، لذلك انا شخصياً لم اتفاجأ بهذا الخلل، والامر الغريب أن هذه الأحزاب لبست ثوب الحاضنة، والأمر هنا أشبه بأن (فأراً لبس ثوب الفيل)، والرؤية كانت بالنسبة لنا كمستقلين واضحة لأننا ننظر للأمور بعين مجردة بعيداً عن الحزبية.
• الآن هناك طرح لتوافق سياسي وطني ودعوة للتصالح مع الإسلاميين؟
ــ اي شخص يقول إن الإسلاميين يمكن لفظهم من المجتمع (ده زول خيالي ساي)، فنحن لا بد ان نتعامل مع تجربة الثلاثين عاماً كتجربة فيها اخفاقات ونجاحات اذا كنا واعين، ولا نحاسب الشخص على انتمائه وعلى أساس انه اسلامي او شيوعي، وإنما يجب أن نحاسبه على الفساد إن كان مفسداً، واذا اردنا ان نحقق عدالة اجتماعية صحيحة ينبغي ان يكون الحساب قبل الثلاثين عاماً الماضية منذ عام 56م، والآن يوجد عدد ضخم جداً من الفاسدين وهم غير اسلاميين ولم يتم حسابهم.
• ما ذكرته ربما أمر يخص لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو؟
ــ هذه اللجنة في رأيي غير نافعة لانها لم تبنَ على أسس علمية، ولا يمكن ان تكون جهة واحدة هي الخصم والحكم، فهذا ظلم، وهذه اللجنة لم تبن على اساس مهني والا لكان الامر اختلف، فنحن اصلاً لا نحتاج الى لجنة تفكيك، لأن لدينا قانون (من اين لك هذا؟)، مثلا نقول: (تعال يا برطم انت بنيت عمارة وعندك عربية مارسيدس جبتها من وين؟)، فإذا لم يستطع برطم ان يثبت من أين اكتسبها بعدها تدخله السجن، تقطع رأسه، دا موضوع آخر، لكن لا يجب أن تكون القضية تشفياً ضد اتجاه سياسي بعينه، لان ذلك هو ما طبقه الكيزان في ما عرف بـ (الصالح العام) وظلموا به الناس، لذلك اعتقد ان لجنة التفكيك وجودها اصبح خصماً على الثورة وخلق غبائن لن تنتهي بين اليوم وليلة، ونحن لا نريد ان نبني دولة على الغبائن والضغائن، وهو ذات الأمر الذي حدث للحزب الشيوعي في الستينيات عندما اتفقت الاحزاب على حله وطرد نوابه من البرلمان، ومن وقتها فإن الغبينة التي دخلت في الحزب الشيوعي لم تخرج حتى الآن، لذلك ينبغي ألا نعيد الآن نفس السيناريو، لذلك إن كان حزب المؤتمر الوطني حزباً فاسداً يتحاسب ويتجرد من كل اصوله، ويتعرى قدام المجتمع كحزب، ولا ينبغي حظره، لذلك اعتقد ان لجنة التفكيك مفترض توقف.
• انت تدعو إلى وقف التفكيك إذن؟
ــ ابداً لن يقف التفكيك، وإنما تُوقف اللجنة بشكلها الحالي، لأنها ضد الوثيقة الدستورية التي ذكرت تكوين مفوضيات، إضافة إلى أن الصلاحيات اللانهائية الممنوحة للجنة خلقت منها طاغية وجعلتها فاسدة، وهذا خصم على الثورة، والناس الذين ضحوا لم يضحوا عشان يأتي وجدي صالح او غيره، ويقول (صامولة صامولة)، وهذا طرح فيه نوع من التشفي وغير مهني، واغلب القضايا اخذت طابعاً شخصياً.
• ابو القاسم برطم وفقاً للمطروح يجب تفكيكه باعتباره شارك في حكومة النظام السابق؟
ــ هذه نظرة خاطئة، لأنه بهذه الفهم فإن (الخفير) الذي كان يعمل في المستشفى يجب تفكيكه، لانه اشتغل في عهد البشير وكان ياخذ مرتباً، وكل الاحزاب السياسية بمختلف الوانها شاركت في نظام الانقاذ، وزراء واعضاء برلمان، وركبوا عربات الإنقاذ وأخذوا مرتبات، لذلك مفروض يتم تفكيكهم كلهم الشيوعي والبعث وغيرهم، وفي تقديري هذه فكرة خاطئة وشيطنة للواقع السياسي.
• كلما ذكرت العلاقة مع إسرائيل ربما يذكر ابو القاسم برطم، والآن تحولت العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب من مجرد امنيات ودعوات إلى واقع.. ما هي رؤيتكم للمرحلة المقبلة في هذا الإطار، وما هي آخر اخبار زيارتكم لاسرائيل؟
ــ موضوع الزيارة لسه قائم لكنه مرتبط باجراءات (كورونا)، لكن بالنسبة للعلاقة مع اسرائيل في تقديري ان واحداً من اسباب التدهور في السودان خلال الستين عاماً الماضية له علاقة مباشرة بالعلاقة مع اسرائيل، لاننا في الستين عاماً الماضية كنا نتبنى خطاباً ضد اسرائيل، وندعو إلى إزالتها، وبالتالي اسرائيل دعمت الحركات ضدنا الدولة، ومن حقها طبعاً، ولكن يبقى السؤال المهم ماذا نريد نحن من إسرائيل؟ لأن عدم معرفتنا بما نريد من الآخر، حتى من غير إسرائيل، يضيع القضية ويختزلها في قصص ميتة.
• وما هو المطلوب من الحكومة الجديدة في تقديرك وما هو شكلها المتوقع حتى تنجح؟
ــ الحكومة الجديدة اذا جاءت بنفس المعايير السابقة ستفشل.
• وما هو الدور الشعبي في معالجة هذا الخلل؟
ــ الثورة حالة تراكمية، لأننا لا نستطيع ان نقول الساعة كده حنعمل ثورة، زمان كباية الشاي كانت بتعريفة، وهي بحساب اليوم بـ (8) ملايين جنيه، من واقع ان خمسة اصفار حذفت، لكن الناس تحملت حتى وصلوا الى مرحلة التشبع، وقد يحدث ذلك اليوم او غداً او بعد ثلاثين سنة، لكن في النهاية يجب على النخب ان تراعي حالة الشعب.
• هل حمدوك نفسه مناسب لقيادة المرحلة المقبلة؟
ــ أبداً غير مناسب نهائياً، فحمدوك ليس رجلاً سياسياً وانما موظف منظمات، والموظف الذي يعمل وفقاً لبرنامج محدد مثل الآلة لا يستطيع إدارة دكان ناجح، ناهيك عن إدارة دولة بحجم السودان وقضاياه.
الانتباهة